بقلم نونا المصري

موقع أيام نيوز


واردفت النتيجة ستخرج خلال فترة قصيرة لذا ارجو ان تنتظري بصبر 
مريم حسنا شكرا لك 
قالت ذلك ثم اخذت معطفها وحقيبتها وخرجت من الغرفة وهي تضع قطنة بيضاء على مكان غرس الآبرة حتى تمنع خروج قطرات الډم الصغيرة من عروقها البارز لشدة نحافتها ثم جلست في الردهة الواسعة تنتظر نتيجة تحليلها وسرعان ما مر الوقت بسرعة حتى استدعتها الطبيبة مجددا ثم قالت بابتسامة عريضة تهاني لك فأنت حامل بالفعل 

في تلك اللحظة صمت كاسح اخترق ارجاء الغرفة بعد تلك الجملة القصيرة ذات المعاني الكثيرة فهي تجمدت في مكانها كتمثال رخامي ولولا صعود وهبوط صدرها جراء تنفسها لأقسمت الطبيبة على ان هذه الفتاة العربية قد فارقت الحياة بعد تلقيها لذلك الخبر المفرح او المحزن بالنسبة لها فنهضت من مكانها وعلامات القلق واضحة على وجهها ثم توجهت نحوها وسألتها ارجو المعذرة ولكن هل انتي بخير 
رمشت مريم مرتين وكأنها كانت مېتة وعادت إلى الحياة مجددا بعد ان لمستها يد الطبيبة وسرعان ما ذرفت بلورتين شفافيتين من عينيها العسلية المخضرة وقالت بصوت يكاد يختفي هل انا حامل حقا 
أحتارت الطبيبة من امرها وقالت اجل عزيزتي بناء على تحليل الډم الذي اجريتيه اتضح انك حامل منذ اربعة أسابيع تقريبا لذا يجب ان تهتمي لصحتك جيدا وانا سوف أصف لك بعض الفيتامينات لأن التحليل اظهر انك تعانين من فقر ډم ايضا وهذا ليس جيدا من اجل الطفل 
فخرجت شهقة مكتومة من حنجرة مريم المچروحة وقالت بصوت مخڼوق ح حسنا 
وبالفعل قامت الطبيبة بوصف الدواء لها واخبرتها بأنها يجب ان تأتي إلى المستشفى مرة اخرى لأجراء الفحوصات اللازمة للإطمئنان عليها وعلى الجنين وبعد تلك الصاعقة التي تعرضت لها خرجت من المستشفى وكأنها زومبي خالي من الروح وهي تحمل بيدها كيس بلاستيكي يحتوي على علبة فيتامينات ولم تصدق انها حامل حقا ومن من من ادهم عزام السيوفي الذي سبب لها چرح كبير في المشاعر عندما عاملها بقسۏة شديدة كما تعامل العاھړات 
لقد أصبحت ملكه بالفعل حتى ولو انكرت ذلك مئات المرات وانكرت زواجها السري
به الا انه سيأتي يوم ويعلم العالم أجمع بأنها قضت لليلة جامحة مرعبة مع ادهم عزام السيوفي حبيبها الأزلي الذي لم تسنح لها الفرصة بأن تعيش معه الحب 
فاخذت تمشي في شوارع نيويورك بخطوات ثقيلة ودموعها لا تتوقف عن الانهمار ولا تعلم ان كانت حزينة لأنها ستضطر لمواجهة حبيبها القاسې الذي هربت منه وقررت ان ټدفن حبها له في اعماق قلبها وان تنساه ام انها سعيدة لأنها حملت بأبنه بقطعة منه تكونت داخل رحمها لتصبح روحا طاهرة نقية لا يتعدى عمرها سوى اربعة أسابيع اربعة أسابيع لم تراه خلالها ولو لمرة واحدة اربعة اسابيع عاشتها كما لو كانت جسد يتحرك بلا روح لشدة حزنها على مۏت أختها مرام التي تبخرت من الدنيا كنسمة الهواء النقية ولكن بغض النظر عن هذه الحزن الا انها شعرت ببعض السعادة خلال الفترة التي قضتها برفقة عائلة السيد عمر حيث انهم خففوا من وحشتها وحزنها العميق ولكن ها هي تعود لذلك الحزن المستبد الذي اقسم بأنه لن يفارقها ما دامت حية ترزق 
فلم تحتمل كبت مشاعرها اكثر من ذلك لذا اڼفجرت باكية في الشارع امام المارة الذين اخذوا يحدقون بها وعلامات الاستفهام تعلو وجوههم فمنهم من ظنها مچنونة ومنهم من شعر بالأسى عليها وخصوصا لأنها هوت جالسة على الرصيف وهي تبكي بمرارة وقهر شديد وبقيت تبكي وتبكي وتبكي حتى جفت الأنهار في حدقتيها العسليتين فمسحت اثار الفيضان الذي سال على وجنتيها وهي تشهق ثم نهضت وحملت كيس الدواء ووضعته في حقيبتها وبعدها قررت ان تعود إلى منزل السيد عمر لترتمي بين
احضان صديقتها المخلصة الهام التي تخلت عن حلمها في العمل بشركة رويال العالمية لتتبعها الى هذه البلد الغريبة لذا مشت بضع خطوات حتى توقفت بالقرب من جانب الطريق واخذت تحاول ايقاف سيارة اجرة 
ومن جهة اخرى 
جاء ذلك الشاب المفعم بالحيوية الذي كان يقود سيارته السوداء المكشوفة متجاهلا برودة الجو ليسمح للهواء النظيف ان يلامس بشرته الحليبية ويتغلقل داخل خصلات شعره الاسود الناعم وهو يتراقص بأصابع يديه على مقود السيارة مستمعا
لتلك الموسيقى الكلاسيكية الهادئة فوقع نظره عليها وهي تحاول ايقاف سيارة أجرة ولا يعلم لما رفرف قلبه بعد ان رآها وما هق الا ثواني حتى انحرف بسيارته عن الطريق متجها نحوها ثم توقف
بالقرب منها وضغط على البوق ليفزعها صوته فأنتفظت من مكانها والتفتت الية لتجده يبتسم لها وهو يضع نظارته الشمسية الداكنة التي زادته وسامة في تلك اللحظة لا تعلم لما شعرت بالأرتياح لمجرد ان رأته يبتسم نعم هي لم تقابله سوى مرة واحدة ولكنه استطاع بخفة دمه وشهامته ان يترك لديها شعورا عذبا فابتسمت وكأنها نسيت الحزن الذي كان يأكل قلبها منذ لحظات قليلة وقالت بصوتها العذب استاذ خالد 
فأتاها صوته
 

تم نسخ الرابط